كيف تعمل الشرطة الدولية الإنتربول interpol ? | محامي الدفاع
كيف تعمل الشرطة الدولية الإنتربول؟
في واحدة من أكبر العمليات ضد شبكات الجريمة بالعالم، تم القبض في العام الفين وواحد وعشرين، على مئات المطلوبين للعدالة، بعملية سميت بدرعِ طروادة، تمت العملية بقيادة الشرطة الجنائية الدولية، الإنتربول، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في عشرات الدول، وبتنسيق استمر لمدة ثلاثة أعوام.
فمسمى الانتربول interpol، اختصار ل International Criminal Police Organization
وتعني، المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، التي تهدف الى مساعدة أجهزة الشرطة، حول العالم.
وتمكن الدول من تبادل البيانات المتعلقة بالجرائم والمجرمين، وتقدم الدعم الفني والميداني بأشكاله المختلفة.
يعود تاريخ نشأة الشرطة الدولية، او الانتربول، الى العام ألف وتسعمئة وأربعة عشر، عندما اجتمع ضباط شرطة ومحامون، من أربعا وعشرين دولة، للبحث في أساليب تحديد الهوية، وإلقاء القبض على الفارين من وجه العدالة.
وتضمُّ المنظمة اليوم، 195 دولة، بحيث تستضيف كل دولة، مركزاً وطنيا للإنتربول، لربط الشرطة المحلية، مع شبكتها للبيانات العالمية.
ولا تقف المنظمة عند ذلك فحسب، بل تهدف أيضا الى احباط اية عمليات تستهدف الأحداث العالمية الكبرى، مثل المباريات الرياضية، ومؤتمرات القمة السياسية، التي تستقطب آلاف الأشخاص وذوو النفوذ.
وهنا، نصل للسؤال المهم...!!
لو كنت ضحية جريمة ارتكبها شخص من بلد آخر، فكيف يمكن للشرطة الدولية، أن تلقي القبض على الفاعل...؟
حري بنا ابتداءا ان نعلم بان عمل الشرطة الدولية، يقتصر على التنسيق ومشاركة المعلومات، بين الدول الأعضاء، ولا توكل لهم المهام البوليسية، مثل الاقتحام والتفتيش او القبض على المطلوبين، وغير مخولٍ لهم أيضا، بحمل السلاح.
اما من ناحية إجرائية، فتستقبل المنظمة، طلبات تسليم الفارين من وجه العدالة، التي تصدرها الدول الأعضاء، لتدخل ضمن الشبكة العالمية للقبض على المجرمين، والتي يتم مشاركتها، مع الجميع،
ليتم بعد ذلك، إدراجها ضمن النشرات التي تصدرها المنظمة
وبالعودة الى النشرة الحمراء، وهي الأهم للعامة، ولكون العدالة، لا يمكن أن تكون لطرف واحد، وإنما لكلا الطرفين، وصيانة لحق الدفاع، باعتباره حقا مقدسا، فمن واجبي توضيح الجوانب القانونية التالية:
علينا ان نعلم ابتداءا، بأن الدول الأعضاء للمنظمة، ملزمة بالتعاون مع الانتربول، لكن في إطار القوانين الداخلية الخاصة بها، وحقها بالسيادة،
أي أن الجرم الذي أصبح الشخص المتواجد في إحدى الدول الأعضاء، مطلوبا بسببه، يجب أن يتناسب مع قوانين الدولة الموجود فيها،
وللتوضيحِ أكثر، إذا كان هناك شخص مطلوب، وعليه نشرة حمراء، وكان الجرم "شيكا من غير رصيد"، وتم إلقاء القبض عليه في دولة ألمانيا مثلا، فإن القانون الألماني، لا يعاقب على الشيك من غير رصيد، لذا، يحق للسلطات الالمانية تجاهل الطلب بحق هذا الشخص.
وللمقبوض عليه أيضا، حق التأكد من قانون الدولة التي قبض عليه فيها، فإن كان لا يجرم الفعل، فله حق طلب الإفراجِ الفوري عنه.
ولكن، ماذا لو كان عكس ذلك، وكان قانون الدولة التي قبض على الشخص بها، يجرم الفعل المرتكب؟
قبل الإجابة، علينا ان ندرك ابتدا، بان النشرة الحمراء، لا تصدر إلا بعد التحقق من امتثالها للقانون الأساسي للإنتربول، ولقانون حماية اللاجئين، واتفاقيات حماية حقوق الإنسان، واهمها، عدم انتهاك المادة الثالثة، من القانون الأساسي للمنظمة، والتي تنص على:
(يحظر على المنظمة حظرا باتا، أن تنشط أو تتدخل في مسائل أو شؤون ذات طابعٍ سياسي، أو عسكري، أو ديني، أو عنصري).
واستنادا لهذه المادة، يحق لمن يجد نفسه ضمن قائمة النشرة الحمراء، الادعاء بأن طلب التسليم، ذو خلفية سياسية أو دينية أو عنصرية، وله حق رفعِ طلب التسليم الصادر بحقه، ان تقدم بحجته، واثبت برهانه.
كما يجوز الطعن بطلب التسليم، بالاستناد إلى المادة الثانية، من ذات القانون، والتي تنص على:
(من اهداف المنظمة، تأمين وتنمية التعاون المتبادل على أوسعِ نطاق، بين كافة سلطات الشرطة الجنائية، في إطار القوانين القائمة في مختلف البلدان، وبروحِ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
وهنا، يحق للمقبوض عليه، التشكيك في عدم انسجام طلب التسليم، مع روحِ الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وله حق الادعاء، من تخوفه من عدم حصوله على محاكمة عادلة او محايدة، امام محاكم الدولة، طالبة التسليم.
وذلك بالاستناد الى المادة العاشرة، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص عَلَى:
(لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته، محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته، وفى أية تهمة جزائية، توجه إليه).
تعريف الانتربول؟
كما يجوز ايضا، الطعن في صلاحية النشرة الحمراء، لعدم استيفائها الشروط القانونية كافة، عند اصدارها، وذلك من خلال الاستناد للمادة الثالثة والثمانون، من دستور الإنتربول، التي تنص على أن الجريمة، يجب أن تكون جريمة خطيرة بموجب القانون العام.
وعلى هذا النحو، لا ينبغي نشر النشرات الحمراء للجرائم الخاصة، بشؤون الأسرة، او الناشئة عن النزاعات الخاصة، او الإدارية، او المتعلقة بالأعراف السلوكية والثقافية.
ولا ننسى أن الشرطة الجنائية الدولية، تدار من قبل الدول الأعضاء فيها، وتجمع المعلومات منها، وتعمل بروح الفريق الواحد، لجعل العالم أكثر أمانا.