محامي الدفاع | محكمة التحكيم الرياضية CAS
المحامي عبد الله جرادات
في السابق كنا نسمع كيف حولت العولمة الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة بحيث باتت الأمور متداخلة ومترابطة بين أقصى الشرق وأقصى الغرب ولا شك بأن العولمة وخصوصا في ثمانينات القرن الماضي ومع تقدم وسائل التواصل والتلفزيون ومن بعدها الأنترنت غيرت مفهوم كل شيء بحيث أصبحت الكثير من الأمور أممية ومن ضمن ذلك الرياضة وقد لا نبالغ حين نقول أبرزها الرياضة فأصبحت ترى لاعبين من مختلف القارات في فريق واحد وبطولات بين قارات العالم كلها أمور قد ينشب عنها خلافات قانونية وهنا تظهر أهمية CAS وهي اختصار ل Court of Arbitration for Sport وتعني محكمة التحكيم الرياضية فما هي هذه المؤسسة؟
وما ظروف نشأتها؟ وما تاريخ تأسيسها؟ وما هي صلاحياتها واختصاصاتها؟
كلها أمور سنكشفها في اليوم دعونا نعود بكم إلى ظروف نشأتها ولماذا كان من الضروري إنشاء مرجعية قضائية رياضية فعلى الرغم من أهمية الرياضة كونها ثروة حقيقية للإنسان تنمي جوهره وصحته النفسية والجسدية على حد سواء إلا أن التطور الذي شهده العالم بما يحمل من إيجابيات وسلبيات أدى إلى ارتفاع عدد النزاعات بسبب التداخل الأممي الذي شهدته الرياضة لاسيما بعد أن أصبحت الرياضة من بين اهتمامات الدول حيث أن النزاع الرياضي خرج من طابعه الداخلي إلى الطابع الدولي ومع بداية الثمانينات ظهر طرح قوي يصر على استقلالية الرياضة وخاصة منها الدولية من هنا كانت فكرة إيجاد وسيلة فعالة وسريعة لحماية حقوق وحريات أطراف العلاقة الرياضية وحل النزاعات من طرف أشخاص متخصصين وذوي خبرة ومؤهلات في المجال الرياضي فكان طرح رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الإسباني خوان أنطونيو عن ضرورة إنشاء هيئة قانونية مهمتها تسوية النزاعات الرياضية للابتعاد عن الطريق المكلف والطويل أمام المحاكم المدنية وبالفعل في العام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين وأثناء انعقاد الدورة الأولمبية في روما قام عضو اللجنة الأولمبية القاضي مباي كيبا بقيادة فريق لإعداد نظام قانوني سمي لاحقا نظام التحكيم الرياضي ولأول مرة كانت تظهر فيه كمؤسسة شبه رسمية إلى أن صادقت اللجنة الأولمبية الدولية بالإجماع على النظام الأساسي لقضاء التحكيم في العام ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانين وأصبح ساري المفعول في الثالث من يوليو لعام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين فكانت CAS فما هي؟ هي في الحقيقة أعلى هيئة تحكيمية رياضية وهي مستقلة لا تخضع لأي منظمة تتبع ماليا وإداريا للمجلس الدولي للتحكيم مقرها الرئيسي في مدينة لوزان السويسرية ولها عدة مكاتب لا مركزية في دول العالم وأهم مكتبين لا مركزيين دائمين موجودان في سيدني بأستراليا وفي نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية وفي عام ألفين واثني عشر تم إنشاء مكتب لامركزي في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة ويتم إنشاء محاكم مؤقتة في المدن التي تقام فيها الألعاب الأولمبية تتألف المحكمة من ثلاثمائة عضو من سبع وثمانين دولة ولكن بماذا تتميز هذه المحكمة عن باقي المحاكم الدولية؟ في الأساس هي محكمة إجراءاتها سريعة وغير مكلفة وانعقادها يتسم بالمرونة دائما تحترم قراراتها كل اتحادات العالم وهي خاضعة للقانون السويسري فيما هي تفصل في النزاعات كدرجة ابتدائية وفي حالات أخرى كدرجة استئناف أما عن اختلافها عن باقي المحاكم فهي لا تنظر في القضايا إلا بموافقة الفريقين المتنازعين التقاضي فيها لا يتجاوز السنة على خلاف المحاكم الأخرى وتتيح الحصول على حكم الاستئناف في غضون أربعة شهور والأهم من كل ذلك أنها تسمح بالتوصل إلى اتفاق التراضي في أي مرحلة من مراحل التقاضي ويبقى السؤال هنا ..
. متى يتم اللجوء إلى محكمة CAS؟
عندما يكون هناك نزاع بين الاتحادات أو اللاعبين أو المؤسسات أو يمكن تقديم استئناف لأي قرار صادر عن اتحاد محلي أو دولي وماذا عن اختصاصاتها؟ فبحسب المادة السابعة والعشرين من اللائحة الجديدة لمحكمة التحكيم الرياضية فإن المحكمة مختصة بالتالي: النزاعات التجارية وهي التي ترتبط بالتعاقدات القانونية التي يتفق الأطراف على اتباعها في حال وجود أي خلاف منها: • العقود الخاصة بالرعاية التجارية • حقوق البث التلفزيوني • العقود الخاصة بإدارة الأعمال • وانتقال اللاعبين والمدربين إلى الأندية المختلفة النزاعات الانضباطية هي التي تحدث بعد القرارات العقابية التي يتخذها أحد الاتحادات الرياضية وكذلك القرارات المتعلقة بالشغب في الملاعب وأخيرا فهي تعتبر الهيئة الأعلى للبت في موضوع تعاطي المنشطات ولعل أبرز القضايا في هذا الخصوص تلك التي صدرت عن CAS والمتعلقة بقرارها في العام ألفين وعشرين الذي نص على منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حضور الأحداث الأولمبية والرياضية لمدة عامين وذلك على خلفية قضية اتهمت فيها روسيا بالتلاعب بنتائج تحليل المنشطات بشكل ممنهج هذا يأخذنا مباشرة إلى أبرز القضايا التحكيمية الصادرة عن هذه المحكمة حيث أصدرت محكمة التحكيم الرياضية في ألفين وعشرين قرارها برفع عقوبة حرمان نادي مانشستر سيتي الإنجليزي من المشاركة في المنافسات الأوروبية لمدة عامين والتي فرضت عليه من جانب الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) بداعي انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف وكان اليويفا قد فرض الإيقاف على مانشستر سيتي مع تغريمه ثلاثين مليون يورو في عام ألفين وتسعة عشر بداعي انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف حيث قضت محكمة كاس أن مانشستر سيتي لم يموه في القيم المالية لإسهامات عقود الرعاية لكنه لم يتعاون مع سلطات اليويفا في التحقيقات ونتيجة لذلك أبقت محكمة كاس على الغرامة المالية مع تقليصها إلى عشرة ملايين يورو ورفعت عن النادي عقوبة الإيقاف عن المشاركة الأوروبية ولكن عقوبة رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر تعتبر هي القضية الأبرز التي كانت أمام هذه المحكمة وذلك في العام ألفين وخمسة عشر حيث أبقت كاس عقوبة الإيقاف بحق بلاتر لست سنوات والتي كانت قد فرضت عليه بسبب مزاعم فساد وفي القضية نفسها أبقت عقوبة الإيقاف بحق ميشال بلاتيني وهكذا نكون قد وصلنا لنهاية حلقتنا نراكم بخير مع مواضيع قانونية جديدة