تقرير ناري عن هروب السعوديات وتعديلات دستورية ضخمة في السعودية


هروب السعوديات 

تقرير نـاري عن هرب السعوديات 

وتعديلات دستورية جديدة بحق النساء 



سمحت السعودية لأول مرة للمرأة بالسفر دون الحاجة إلى موافقة ولى الأمر ومنحت النساء المزيد من الحقوق فيما يتعلق بالأسرة، فيما يعد خطوات جديدة للحد من ولاية الرجال على النساء في وقت تواجه فيه المملكة انتقادات بشأن سجلها في حقوق الإنسان.
وتنص القرارات، التي جاءت في عدد من المراسيم الملكية التي تصدر رسميا الجمعة، على أن جواز السفر السعودي يمنح "لكل من يقدم طلباً بذلك من حاملي الجنسية العربية السعودية"، وأن أي شخص يزيد عمره عن 21 عاما ليس بحاجة إلى إذن للسفر.
وتسمح التعديلات الجديدة للمرأة لأول مرة بالتبليغ عن المواليد حالها حال الرجل. وجاء في التعديلات تكليف أي من "والدي الطفل" بالتبليغ عن الولادة بعد أن اقتصرت في السابق على "والد الطفل". كما سمحت للنساء بالتبليغ لتسجيل الزواج أو الطلاق والحصول على سجلات أسرية.
وتمنح التعديلات الجديدة المرأة أيضا الحق في الوصاية على الأبناء القصر.
وخفف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القيود المفروضة على النساء في البلاد، مثل السماح لهن بقيادة السيارة، في مسعى لجعل البلاد أكثر انفتاحا.
وفي عام 2016 أطلق الأمير ما سمي بـ "رؤية 2030" التي تهدف إلى إجراء إصلاحات شاملة في المملكة.
وقد أطلقت تلك الخطة "استعداداً لمرحلة ما بعد النفط في المملكة" كما وصفت، وقد أقرها مجلس الوزراء السعودي. وبدأ العمل، ضمن إطارها، في نحو 80 مشروعاً حكومياً تتراوح كلفة الواحد منها بين ثلاثة إلى سبعة مليارات ريال سعودي.
وتواكبت الإصلاحات الاقتصادية مع إصلاحات اجتماعية تشمل تخفيف القيود المفروضة على المرأة
وتأتي هذه الخطوة لتغيير شروط الولاية بعد عمليات تدقيق دولي؛ وانتقادات حقوقية إثر هروب مجموعة من الشابات السعوديات وطلبهن اللجوء، اعتراضًا على قوانين المملكة وعاداتها التي جعلتهن "عبيدًا" لأقاربهن الذكور، على حد وصفهن.
وحسب نظام الولاية، يتعين على المرأة البالغة الحصول على تصريح من ولي أمرها من الذكور -الذي قد يكون والدها أو شقيقها أو أحد أقاربها- للسفر أو الزواج أو إجراء بعض المعاملات، مثل استئجار شقة ورفع دعاوى قانونية

وفي لقاء مع شقيقتين هربتا من السعودية قالتا " كنا نعامل كالعبيد "
"كان علينا تغطية وجوهنا وطهو الطعام...مثل العبيد. لا نريد ذلك. نريد حياة حقيقية، نريد حياتنا"، هكذا قالت وفاء، 25 عاما، التي فرت من السعودية مع شقيقتها.
والشقيقتان وفاء ومها السبيعي (28 عاما) الآن في جمهورية جورجيا وتعيشان تحت حماية الدولة التي تقدم لهما المأوى.
وتسعى الشقيقتان لإعلام المجتمع الدولي بقصتهما عبر تويتر وحساب مخصص لذلك بعنوان @GeorgiaSisters.
وتناشد الشقيقتان الأمم المتحدة لمساعدتهما للذهاب إلى بلد آمن ثالث.
وسافرت الفتاتان لجورجيا لأن السعوديين لا يحتجاون لتأشيرة دخول إليها
وقالت وفاء "نحتاج دعمكم. نريد الحماية. نريد بلدا يرحب بنا ويحمي حقوقنا".
ووصلت الشقيقتان، اللتان بدا عليهما القلق والذعر، إلى إدارة الهجرة في جورجيا مساء الخميس في صحبة مسؤولين من إدارة الهجرة.
وفي مقابلة مع وسائل الإعلام المحلية، قالتا إنهما لا تشعران بالأمن في جورجيا لأنه سيكون من السهل على أقاربهم الرجال العثور عليهما هناك.
وعندما سُئلتا عن أسباب الشعور بأنهما مهددتان في السعودية، أجابت وفاء "لأننا نساء".
وأضافت "أسرتنا تهددنا كل يوم في بلادنا"، وقالت شقيقتها مها إن لديهما أدلة على ذلك.
ويعد هروب وفاء ومها السبيعيأحدث قضية لنساء يهربن من السعودية، التي يتوجب على المرأة فيها الحصول على إذن من وليها الرجل للعمل أو السفر.
 وفي يناير/كانون الثاني 2019 حظيت قضية الفتاة السعودية رهف محمد القنون، 18 عاما، بتغطية إعلامية دولية واسعة، بعد أن سافرت إلى تايلاند ورفضت الخروج من الفندق خشية الترحيل إلى السعودية وناشدت المجتمتع الدولي المساعدة على تويتر.
وحصلت رهف بعد ذلك على حق اللجوء في كندا.
وفي مارس/آذار حصلت شقيقتان سعوديتان أخريان كانتا قد أمضيتا ستة أشهر مختفيتان في هونغ كونغ على تأشيرة إنسانية بعد الفرار، هربا من حياة "العنف والقمع".
وقالت سارا ليا ويتسون مديرة منظمة هيومان رايتسووتش لشؤون الشرق الأوسط "في السعودية يسيطر الرجال على حياة المرأة من المولد حتى الوفاة بسبب نظام وصاية الرجل".
وأضافت "قالت السلطات الجورجية إنها ستحترم حق الشقيقتين في طلب اللجوء، وهو الرد المناسب والمأمول. التركيز الحقيقي الآن هو إزالة التمييز الممنهج الذي تلقاه المرأة في السعودية وتقديم العون للنساء السعوديات اللاتي يواجهن التمييز".
.
مساء يوم السبت، 5 يناير/ كانون الثاني، بدأت تتكشف أولى خيوط قصة شائكة على حساب جديد أنشئ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
رهف القنون ذات الـ 18 عاما، هربت من عائلتها السعودية التي كانت موجودة في الكويت، وأرسلت سلسلة تغريدات تطلب فيها المساعدة أثناء وجودها في إحدى غرف مطار بانكوك في تايلند.
يومها كان لديها 24 متابعًا على تويتر.
وقالت في أول تغريدة لها: "أنا الفتاة التي هربت إلى تايلند. أواجه الآن خطرا كبيرا لأن السفارة السعودية تحاول إجباري على العودة".
ثم قالت شيئًا يصعب تجاهله: "أشعر بالخوف. أخشى أن تقتلني عائلتي".
انتبه الناس لذلك وبدأوا بالتغريد على تويتر باستخدام هاشتاغ بالإنجليزية #SaveRahaf.
وبعد دقائق، ترجمت الناشطة المصرية-الأمريكية منى الطحاوي التغريدات العربية إلى الإنجليزية وشاركتها مع مئات الآلاف من متابعيها.
وبعد ساعات قليلة، لفتت هذه التغريدة انتباه منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، وبعدها فيل روبرتسون، نائب مدير المنظمة في آسيا والمقيم في بانكوك والذي غرد قائلا: "الشابة السعودية رهف محمد القنون ذات الـ 18 عاما محتجزة في مطار بانكوك بعد مصادرة جواز سفرها من قبل السعودية التي منعتها من مواصلة رحلتها إلى أستراليا. تريد أن تطلب اللجوء بسبب الخوف من أن تقتل إن أجبرت على العودة إلى الرياض. هي بحاجة الوصول إلى منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
ومع الساعات الأولى من يوم الأحد، كان يتبادل الرسائل عبر تويتر مع رهف، مرشدا إياها إلى كيفية التعامل مع السلطات في المطار.

هاشتاغ  #SaveRahaf

واصلت رهف هجومها، مرسلة تغريداتها عن كل دقيقة مرت بها أثناء محنتها ومقاطع فيديو توثق كل ما كان يحدث لها في المطار. وازدادت تغريداتها حدة على مدار يوم الأحد.
وأكسبتها مشاعر الخوف واليأس التي نقلتها عبر تغريداتها، تعاطفا ودعما كبيرين من قبل مستخدمي تويتر.
واكتسب الهاشتاغ زخما مع حلول منتصف يوم الأحد، حتى أنه سجل نحو نصف مليون تغريدة وفقا لموقع تويتر.
وازداد عدد متابعي هذه المراهقة - التي كانت غير معروفة في المملكة العربية السعودية - من 24 متابعًا إلى أكثر من 27,000 في أقل من 24 ساعة.
وقال فيل روبرتسون من هيومن رايتس ووتش لبي بي سي: "عندما سمعت تصريحات رهف محمد القنون بأنها تخلت عن دينها، علمت أن الأمور ستغدو سيئة للغاية إن أعيدت إلى السعودية".
وأضاف: "في تلك المرحلة، كان واضحا جدا بالنسبة لي أنها كانت بحاجة لمساعدتنا".
وتعد الردة، أي التخلي عن دين الإسلام، جريمة يعاقب عليها بالإعدام في السعودية.
ونجحت حركة مساعدة رهف في جذب اهتمام كبير، لا سيما في أستراليا، التي أحيلت لها قضية إعادة توطينها المحتمل.
وجاء في بيان رسمي وصل لبي بي سي: "يهدف تويتر إلى توفير منصة يمكن من خلالها إسماع أصوات المهمشين. هذا أمر جوهري لنا ولفاعلية الخدمة التي نقدمها".
دراما
صباح يوم الاثنين، أصبح الوضع أسوأ مع وصول سلطات الهجرة التايلاندية إلى غرفة رهف لترحيلها إلى الكويت.
وبناء على الرسائل المتبادلة على تويتر، استجابت رهف لنصيحة هيومن رايتس ووتش بعدم تسليم هاتفها المحمول تحت أي ظرف من الظروف.
وثبتت أهمية تلك النصيحة بعد ذلك.
حبست المراهقة الغاضبة نفسها مع الصحفية الأسترالية صوفي ماكنيل، رافضة ركوب الطائرة، وقامت بدلا من ذلك بتوثيق محنتها على تويتر.
وتضاعف عدد متابعيها بعد ذلك ووصلوا إلى أكثر من 66,400 شخص.
وقال مراسل بي بي سي في جنوب شرق آسيا جوناثان هيد إن الضجة الكبيرة التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي كانت عاملاً كبيراً في ما حدث لرهف بعد ذلك".
وأضاف: "كانت هذه قصة إنسانية في غاية القوة، وكانت تحدث مباشرة أمام أعيننا، وكانت نهايتها غير مؤكدة".
كما قال فيل: "إن تزايد الدعم على تويتر لم يجذب [فقط] انتباه المراسلين ورؤساء التحرير، بل حظي باهتمام وسائل الإعلام التايلاندية. كما جذبت تغريداتها اهتمام الدبلوماسيين المحليين، إلى جانب كبار المسؤولين في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وعدد من الحكومات".
وأضاف: "لعب كل هذا دورا محوريا في حث تايلاند على إعادة التفكير في النهج الذي ستتبعه بعد أن اتضح لها أن رهف محمد القنون لن تغادر بهدوء".
وقال جوناثان هيد، م راسل بي بي سي: "حتى مساء يوم الأحد كان المسؤولون في تايلاند مصرين على أنهم سيعيدونها، أما وسائل الإعلام التايلاندية فلم تكن قد نقلت الخبر بعد. تغير كل ذلك مع صباح الاثنين".
اليوم رهف القنون آمنة، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنها حصلت على صفة لاجئة.
.
وتأتي القرارات الأخيرة في وقت تتعرض فيه المملكة لتدقيق دولي متزايد بشأن مكانة المرأة وحقوقها . وفي الشهور الأخيرة فر عدد من السعوديات الشابات من البلاد وناشدن العالم العون، وطالبن باللجوء لحمايتهن من أسرهن والحكومة.
وكثيرا ما أشارت جماعات حقوقية من أن النساء في المملكة يعاملن كمواطنين من الدرجة الثانية.

وفي مارس/آذار وجهت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، انتقادا لاذعا للسعودية، مطالبة الرياض بالإفراج عن ناشطات حقوقيات في مجال حقوق المرأة. وجاء الانتقاد في بيان غير مسبوق، دعمته 36 دولة، بينهم أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 28 دولة

.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -